شؤون آسيوية – بكين –
“لقد بدأ الأمر كـ’عملية اصطياد اقتصادي’… وليس لدي أدنى شك في أن (الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب يريد في النهاية السيطرة على أوكرانيا اقتصاديا، والاستيلاء على مواردها المعدنية”، هكذا قال مؤلف يُعد وفقا لقائمة ((نيويورك تايمز)) صاحب المؤلفات الأكثر مبيعا.
ولدى حديثه عن اتفاق محتمل بشأن المعادن بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، كشف جون بيركنز، وهو كاتب وعالم اقتصاد أمريكي سابق يُعرف باسم “قاتل اقتصادي”، عن التكتيكات التي تستخدمتها الولايات المتحدة لتحقيق “عمليات الاصطياد الاقتصادي” لدول الأسواق الناشئة.
وفي مقابلة أجرتها معه وكالة أنباء ((شينخوا))، قال بيركنز إنه تم تجنيده من قبل المخابرات الأمريكية ليصبح “قاتلا اقتصاديا” في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي. وعلى مدى أكثر من عقد من الزمان، وتحت غطاء كونه كبير الاقتصاديين في شركة ((تشارلز تي. ماين))، سافر إلى العديد من الأسواق الناشئة والبلدان النامية، حيث خطط أحداثا تاريخية كبرى وشارك فيها وشهدها.
في عام 2004، نشر بيركنز كتاب شبه السيرة الذاتية الذي ألفه وعنوانه ((اعترافات قاتل اقتصادي))، الذي كشف فيه النقاب عن دور “القتلة الاقتصاديين” الأمريكيين.
ويرى من وجهة نظره أن هؤلاء القتلة كثيرا ما يتخفون في هيئة اقتصاديين، ومصرفيين، ومستشارين ماليين دوليين، ومديرين تنفيذيين لشركات متعددة الجنسيات وصناديق استثمار.
وأشار إلى أنهم استخدموا على مدى سنوات تكتيكات مثل تزوير التقارير المالية، والتلاعب بالانتخابات، والرشوة، والابتزاز، وحتى الاغتيالات، من أجل الاستمالة وإفساد النخب السياسية والاقتصادية في دول الأسواق الناشئة والسيطرة عليها.
وقال بيركنز إن اتفاق المعادن هو أحدث مثال على “عمليات الاصطياد الاقتصادي” التي تقوم بها الولايات المتحدة مستهدفة دولا أخرى.
وعند حديثه عن المشادة الكلامية التي حدثت بين الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وقادة الولايات المتحدة خلال زيارة زيلينسكي في أواخر فبراير إلى البيت الأبيض، وصف بيركنز الحادثة بأنها “لعبة قوة” من جانب واشنطن.
وأضاف أن هذه المشادة أظهرت أن ترامب يريد أن يُثبت للعالم أنه “قادر على الضغط على الدول التي لا تتمتع بنفس قوة الولايات المتحدة بل وقادة تلك الدول”.
وقال بيركنز إنه حتى يومنا هذا، لا يزال “القتلة الاقتصاديون” الأمريكيون قوة خفية تعمل في جميع أنحاء العالم.
وأوضح أن مهمتهم الأساسية هي استهداف الدول الناشئة، ودفعها إلى الحصول على قروض غير قابلة للإدارة من مؤسسات مثل البنك الدولي والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وتوجيه العقود إلى الشركات الأمريكية ومجموعات المصالح المختارة.
وأشار بيركنز إلى أن هذه الدول تضطر بعد ذلك إلى تحويل أموالها بعيدا عن الخدمات الاجتماعية مثل الرعاية الصحية والتعليم من أجل سداد فوائد القروض، الأمر الذي يؤدي بها إلى الوقوع في دائرة مفرغة من الديون.
وأضاف قائلا إنه عندما يجدون أنفسهم غارقين في أزمات لا يمكنهم التعافي منها، يتدخل “القتلة الاقتصاديون” بفرض مطالب غير معقولة مثل استضافة قواعد عسكرية أمريكية، أو الاصطفاف مع الولايات المتحدة في عمليات التصويت بالأمم المتحدة، أو بيع موارد ثمينة بأسعار زهيدة للغاية.
وذكر أن “إحدى الطرق التي توسعت بها الإمبراطوريات في التاريخ الحديث هي من خلال إغراق الدول بالديون”.
وأشار بيركنز إلى أنه “في الماضي، كانت الإمبراطوريات تتوسع بشكل أساس من خلال القوات العسكرية أو التهديد بالتدخل العسكري. ولكن في السنوات الأخيرة، أصبح هناك تركيز أكبر على القيام بذلك من خلال الاقتصاد. وتلعب الديون دورا كبيرا في ذلك”.
وقال لـ((شينخوا)) إنه عندما يرفض قادة الأسواق الناشئة والدول النامية الانصياع للمصالح الأمريكية أو يرفضون الصفقات التي تقترحها الولايات المتحدة، يلجأ “القتلة الاقتصاديون” إلى تكتيكهم الثاني — إطلاق العنان لـ”بنات آوى”. وأضاف أن هؤلاء العملاء ينفذون أساليب قسرية وحشية، مثل تدبير الانقلابات والاغتيالات أو حتى شن الحروب، لضمان الامتثال.
وذكر بيركنز أنه عندما تعجز دولة ذات سوق ناشئة عن سداد ديونها وتغرق في الفوضى الاقتصادية، تنقض “صناديق النسور” الأمريكية لاستغلال الأزمة، مشيرا إلى أن هذا تكتيك آخر في كتاب الحيل الأمريكي لاستهداف الأسواق الناشئة اقتصاديا.
تجدر الإشارة إلى أن “صناديق النسور” هي صناديق استثمارية تشتري السندات المتعثرة بأسعار منخفضة وتسعى إلى تحقيق أرباح عالية من خلال دعوي قضائية عدوانية وقد سُميت بهذا الاسم نظرا لافتراسها للديون المتعثرة، مثل النسور التي تتغذى على الجيف.
واختتم بيركنز حديثه قائلا “للأسف، لا يزال هناك الكثير من صناديق النسور، وهي تتسبب في الكثير من الضرر بجميع أنحاء العالم”، مشيرا إلى “أنها مفترسة جدا، جدا”.
المصدر: شينخوا