مصر والصين: علاقات تاريخية وثقافية وشراكة اقتصادية واستراتيجية

 

شؤون آسيوية – رغد خضور **

 

تاريخ حضاري متشابه يتلاقى فيه الشعبان المصري والصيني بشكل كبير، أرسى قواعد راسخة للعلاقة بين البلدين، لتكون حجر الأساس لأي حديث حول إفريقيا والصين، على اعتبار أن مصر أول دولة إفريقية – وكذلك عربية – أقامت علاقات دبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية منذ ما يقارب 69 عاماً..

 

طريق الحرير التاريخي..

إن أقدم الحضارات في العالم التي وجدت في مصر والصين، مثلت قاعدة قوية لاستمرار تميز هذه العلاقات خلال عقود طويلة..

وطريق الحرير الذي بدأ منذ آلاف السنين كرمز للتبادل التجاري والثقافي الذي ربط الصين بدول آسيا وإفريقيا وأوروبا، لا يزال اليوم مصدر إلهام لتعزيز التعاون بين الشعوب.

فقد ربط طريق الحرير البري وطريق البخور البحري بين مصر والصين، ليس تجارياً واقتصادياً فحسب وإنما ثقافياً وفكرياً وعلمياً أيضاً، كما لعب ميناء القلزم – السويس حالياً – دوراً هاماً في التبادل التجاري بين البلدين قديماً، لذا فإنه ليس من قُبيل الصدفة أن يتم اختيار السويس في العصر الحديث لإقامة منطقة اقتصادية للتعاون المصري الصيني.

 

التجارة قبل السياسة..

منذ خمسينيات القرن العشرين شهد ملف العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر والصين تطورا كبيراً، فبدءاً من عام 1953، وقبل إقامة العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين البلدين، بعثت مصر مسؤولاً تجارياً لبحث المسائل التجارية بين البلدين، وليعرض على الجانب الصيني استيراد القطن المصري.

وفي عام 1955، وقع الجانبان في العاصمة بكين اتفاق تجاري يقيم بمقتضاه كل طرف مكتباً تجارياً له لدى الطرف الآخر، وفي بداية عام 1956 تكثفت لقاءات المسؤولين التجاريين في البلدين، وأدى اعتراف مصر في السادس عشر من آيار 1956 رسمياً بجمهورية الصين الشعبية إلى فتح الباب واسعاً أمام مزيد من التبادلات الاقتصادية والتجارية.

 

دبلوماسية قيادية..

كان للمتغير القيادي دور مهم فيما وصلت إليه العلاقات الثنائية بين مصر والصين في الوقت الراهن، بداية من لقاء رئيس مجلس الدولة الصيني شو إن لاي والرئيس المصري جمال عبد الناصر عام 1955، خلال مشاركتهما في مؤتمر باندونغ بإندونيسيا، وصولا إلى الزيارات المتبادلة بين الرئيسين شي جين بينغ وعبد الفتاح السيسي، اللذين كان لهما دور كبير في دفع العلاقات الثنائية إلى الأمام.

الرئيس السيسي زار الصين ست مرات منذ عام 2014، وزار الرئيس شي مصر عام 2016، كما أطلق الجانبان حواراً استراتيجياً على مستوى وزيري خارجية البلدين في عام 2014، وهو ما أفسح المجال لقرار مشترك بمواصلة الارتقاء بالشراكة الاستراتيجية الثنائية الشاملة لتواكب العصر الجديد المرتقب.

وتتسم العلاقات السياسية بين مصر والصين بخصوصية شديدة، من حيث توافق رؤاهما بشأن دعم الحلول السلمية والدبلوماسية للأزمات والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وعلاوة على ذلك، يسعى البلدان إلى تعزيز التعاون الدولي في عصر العولمة وتحقيق أقصى استفادة من مبادرة “الحزام والطريق”، التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ عام 2013، وكانت مصر من أوائل الدول التي أعلنت مساندتها ومشاركتها في هذه المبادرة.

 

دعم متبادل..

تميزت العلاقة بين مصر والصين بتفاهم وتناغم في الأهداف والسياسات، وتفهمٍ لخصوصية الطرف الأخر واحترام شؤونه ورؤيته للقضايا الجوهرية، إقليمياً وعالمياً.

ومنذ التدشين الرسمي للعلاقات الصينية المصرية، تبادل البلدان الدعم وعززا التعاون فيما بينهما في كافة المجالات؛ فمن جانبها، دعمت مصر عضوية جمهورية الصين الشعبية في الأمم المتحدة، وتمسكت بمبدأ “صين واحدة”، كما دعمت مبدأ “دولة واحدة ونظامان” في منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة.

وعلى الجانب المقابل، قامت الصين بمساندة مصر إزاء جميع التحديات التي واجهتها، منذ القدم، حيث أيدت القرار المصري بتأميم شركة قناة السويس، وأدانت العدوان الثلاثي عام 1956.

 

الجغرافيا الاقتصادية..

أدركت الصين أهمية الجغرافيا الاقتصادية علي حساب الجغرافيا السياسية، ففي عام 2007 عقد المؤتمر الوطني السابع عشر للحزب الشيوعي الصيني، وكان يمثل استمرارية لتوجه نظام الحكم، حيث كان موضوع هذا المؤتمر هو رفع راية الاشتراكية ذات الخصائص الصينية والانفتاح على العالم الخارجي وتحفيز التنمية العلمية ودفع التناغم الاجتماعي.

أما مصر، فقد فرضت المشكلة الاقتصادية عليها تبني سياسات خارجية نشطة لدعم الاقتصاد وجدولة الديون الخارجية، وعلى إثره تم تدعيم سياسات التحول نحو اقتصاد السوق الرأسمالية في عهد الرئيس السابق مبارك، لذا حاولت توزيع علاقاتها بما يخدم مصالحها الاقتصادية.

القاهرة اتجهت شرقاً نحو دول آسيا لتوسع القاعدة الجغرافية للصادرات المصرية والاستفادة من الإمكانيات والطاقة الاستيعابية الهائلة لتلك المنطقة مرتفعة معدلات السكان وارتفاع الدخول في بعض البلدان والتقدم التكنولوجي فطورت علاقاتها مع دول منها الهند والصين واليابان.

 

مزايا استراتيجية..

تسعى الصين إلى الاستفادة من المزايا التي تتمتع بها مصر، ومن بينها السوق الضخمة التي تضم حوالي 90 مليون مستهلك، فضلاً عن أنها تعد بوابة لأكثر من مليار مستهلك يقطنون في الدول التي تتمتع فيها السلع المنتجة في مصر بمعاملة تفضيلية، مثل دول الاتحاد الأوروبي والكوميسا والدول العربية والولايات المتحدة.

وتُمثل مصر أهمية تجارية في سياق مبادرة الحزام والطريق نظراً لأن قناة السويس تعتبر محطة رئيسية للطريق البحري للمبادرة، فضلاً عن الدور المحوري والفاعل لمصر في الشرق الأوسط وإفريقيا.

 

ومن الفوائد الاستراتيجية والسياسية لمصر إقامة شراكة مع ثاني أكبر اقتصاد في العالم، ما يُمهد لمشاريع تمكن مصر من وضع أقدامها كدولة محورية فاعلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكذلك الإسراع في إقامة مشاريع لوجيستية ومناطق لخدمات السفن والصناعات المتعلقة بالنقل البحري على طول محور قناة السويس لتعظيم الاستفادة من طريق الحرير الصيني وقناة السويس الجديدة في تنشيط حركة التجارة مع دول العالم.

 

الاقتصاد أساس التعاون..

خلال الأعوام السابقة اتخذ البلدان العديد من خطوات التعاون الاقتصادي والتجاري، حيث يوجد حوالي 63 اتفاقية تنظم العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر والصين، وعلى مدار 12 عاماً متتالياً، كانت الصين أكبر شريك تجاري لمصر، وتشهد استثماراتها في مصر نمواً متزايداً.

ولقد حظي الاقتصاد والتجارة بأهمية بالغة بوصفهما “محرك وأساس للتفاعلات المصرية – الصينية”، وهناك الكثير مما يمكن رصده في هذا المجال، ليس أولها التفاهمات والبروتوكولات بإطار “الحزام والطريق”، وليس أخرها حرص البلدين على المشاركة في الأحداث والفعاليات الاقتصادية والتجارية الدولية الكبرى التي يتم تنظيمها في كليهما.

هذا وحصرت الدولتان على توقيع اتفاقيات تبادل الخبرات في المجالات الطبية والزراعية والمعدات والصناعات التقليدية، والدفع بالتعاون الفني في مجالات الكهرباء والطاقة وتطوير مجالات التنمية للأسرة والريف.

وشهد حجم التبادل التجاري ارتفاعا ملموسا على مدار السنوات، حيث ارتفع من 11 مليون دولار عام 1953 ليصل إلى 20 مليار دولار عام 2021، وبزيادة قدرها 37.35% عن عام 2020.

 

استثمارات مشتركة..

تعد الصين سادس أكبر مستثمر في مصر، بظل وجود أكثر من 140 شركة صينية، حيث كان يوجد 35 مشروعاً استثمارياً صيني عام 2005، ليزداد حجم الاستمارات خلال عام 2007 إلى حوالي 400 مليون دولار.

وفى عام 2010 تم وضع عدد من المحاور للتعاون المشترك بين البلدين في التصنيع بمجالات المواسير والحفارات، والتعاون في قطاع البترول والغاز الطبيعي والتكنولوجيا وتدريب العمالة، إضافة إلى إنشاء أكبر مصفاة للتكرير في مصر بطاقة تصل إلى 15 مليون طن سنويًا، كذلك إنشاء وحدات تحويلية حديثة ومتطورة تنتج منتجات عالية الجودة بتكلفة بلغت 2 مليار دولار.

بحلول عام 2014 انضم 12 مستثمراً صينياً، يمثلون كبرى الشركات متعددة الجنسيات للاستثمار في مصر باعتبارها أهم وأكبر أسواق ترويج المنتجات، وفى عام 2019 استقبلت مصر وفداً صينياً بحرياً لبحث إقامة محطة تداول حاويات بميناء أبوقير بالإسكندرية.

تزايد الاستثمارات الصينية دفع إلى تدشين مؤسسة “رجال الأعمال المصريين الصينيين، لتعميق الشراكة بين البلدين، وضمان تواصل مستمر وبناء بين الطرفين وإزالة أية  معوقات قد تُواجه جهود تعظيم الاستثمارات.

وخلال عام 2024، وضعت العديد من الشركات الصينية حجر الأساس لمصانعها في مصر مثل شركة “إيليت سولار للطاقة الشمسية” التي تستهدف تصنيع الخلايا الشمسية وأنظمة الطاقة الكهروضوئية، وشركة “هينيواى” المتخصصة في تصنيع أمتعة السفر، وشركة “الصين القابضة للزجاج” التي تستهدف إنشاء خط إنتاج للزجاج المسطح والكهروضوئي.

كما افتتحت شركات أخرى مصانعها في مصر، مثل شركة “هاير” للأجهزة المنزلية التي افتتحت أول مجمع صناعي لها في مصر في مدينة العاشر من رمضان شمال شرق القاهرة.

 

مناطق اقتصادية..

وفقاً لرئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وليد جمال، ازدادت الاستثمارات الصينية في مختلف القطاعات بالمنطقة، الأمر الذي يُنبئ بمستقبل واعد ومثمر للشراكة بين البلدين، حيث جذبت المنطقة استثمارات تزيد عن 6 مليارات دولا، 40% منها صينية، وذلك بحسب ما نقلت وكالة شينخوا.

كما أثمر التعاون مع الصين في مجال الصناعة والتجارة عن العديد من المناطق الصناعية المتطورة، كالمنطقة الصناعية الصينية في العين السخنة، التي أصبحت مركزاً للصناعات الموجهة للتصدير، وفي هذا السياق، جرت محادثات مع شركة  “تيدا” الصينية لتوسيع هذه المنطقة لتكون قادرة على استيعاب صناعات جديدة.

 

الطاقة كمجال للتعاون..

هناك تعاون مكثف بين الصين ومصر في مجال الطاقة، حيث تشارك أكثر من 20 شركة صينية لتعزيز التعاون في مجال النفط والغاز في مصر، لجهة الاستكشاف والاستغلال، وخدمات هندسة البترول، وتصنيع المعدات، وتجارة البضائع والتكرير والهندسة الكيميائية.

وشهد هذا القطاع تطوراً ملحوظاً حيث نُفذت مشاريع كبيرة للطاقة المتجددة، كمحطات الرياح والطاقة الشمسية، الأمر الذي يعكس التزام البلدين بالانتقال نحو مستقبل أكثر استدامة.

 

مبادرة التنمية العالمية..

أبرز ما تحقق من نتائج في إطار التعاون المشترك بين الصين ومصر خلال عام 2023، توقيع مذكرة تفاهم مبادرة التنمية العالمية GDI، وذلك خلال زيارة وزيرة التعاون الدولي للصين.

هذه المذكرة التي أسست لمرحلة جديدة من العمل المشترك مع الجانب الصيني ومن خلالها تم العمل على صياغة استراتيجية مُتكاملة للتعاون الإنمائي بين البلدين لمدة 3-5 سنوات لأول مرة في ضوء العلاقات المشتركة بين البلدين.

وتتضمن المجالات والمشروعات التي سيتم تنفيذها من خلال برنامج التعاون الإنمائي، فضلًا عن توقيع مذكرة تفاهم في مجال مبادلة الديون بين وزارة التعاون الدولي والوكالة الصينية للتعاون الإنمائي الدولي، بما يعكس قوة العلاقات المشتركة بين البلدين التي تربطهما أواصر صداقة تاريخية تمتد إلى جذور التاريخ.

 

التكامل التكنولوجي..

شهد عام 2024 توقيع شهادة التسليم والاستلام لمركز تجميع وتكامل واختبار الأقمار الصناعية الذي نُفذ لصالح وكالة الفضاء المصرية من خلال موارد المنح الصينية المقدمة للحكومة المصرية بمبلغ يعادل 21 مليون دولار.

وزيرة التعاون الدولي الدكتورة رانيا المشاط بينت أن المشروع يعد علامة فارقة في تاريخ العلاقات المصرية الصينية لاسيما في مجال نقل الخبرات وتبادل المعرفة، كما أنه من أهم مشروعات التعاون الإنمائي بين البلدين.

وكان سبق أن وقعت وزارة التعاون الدولي والجانب الصيني اتفاقيات للتعاون الاقتصادي والفني، تم بموجبها توفير منح صينية بما يعادل 92 مليون دولار لتنفيذ مشروعي القمر الصناعي مصر سات-٢، ومركز تجميع وتكامل واختبار الأقمار الصناعية.

 

التبادل الثقافي التاريخي..

يعتبر التبادل الثقافي بين مصر والصين من أهم أوجه العلاقات بين البلدين، ليس فقط في العصر الحديث وإنما في التاريخ أيضا بالنظر إلى دورهما الحضاري في كافة العصور.

تاريخياً، انتقلت إلى الصين العديد من الآلات الموسيقية المصرية القديمة، ومنها آلة موسيقية تسمى “جونق” أو “هابو” ظهرت في مصر قبل ثلاثة آلاف سنة، وكان حرير الصين مصدراً هاماً للمواد الخام التي استخدمت في صناعة الغزل والنسيج في مصر في العصور القديمة، فقد كانت ملابس كليوباترا تنسج من الحرير الصيني.

وكانت أواني الخزف الصيني هي ثاني أكبر صادرات الصين إلى مصر بعد الحرير، لدرجة أصبح معها اسم الخزف مرادفاً للصين، فسميت الأواني الخزفية الصينية، وكانت تلك الأواني الخزفية من النفائس في مصر.

 

الثقافة التعليمية..

إن الحضارتين المصرية والصين تشكلان جزءاً مهماً من التاريخ الإنساني، وقد بدأ التعاون الثقافي في القرن العشرين في مجال التعليم حيث توجهت أول بعثة تعليمية صينية إلي مصر للدراسة بالأزهر الشريف في عام 1931.

وقد أهدى الملك فاروق الأول أربعمائة نسخة من نفائس الكتب الدينية إلى مدرسة تشنغدا الإسلامية بالصين، وأرسلت مصر اثنين من علماء الأزهر إلى الصين ليساعدا هذه المدرسة في رفع المستوى التعليمي بها.

وخلال الفترة من 1932 إلى 1941 زار الصين عدد من الباحثين المصريين في مختلف المجالات وأقاموا روابط وعلاقات مع المؤسسات العلمية والتعليمية في الصين، وكل ذلك وضع أسساً طيبة للعلاقات الثقافية المصرية الصينية بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية وإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

ووصلت أول بعثة تعليمية مصرية إلى الصين الجديدة عام 1956، وفي العام نفسه تأسست جمعية الصداقة المصرية الصينية تحت اسم “جمعية الصداقة العربية الصينية”، وخلال شهر نيسان من العام 1964 تم التوقيع على البرنامج التنفيذي لاتفاقية التعاون الثقافي بين مصر والصين.

 

مؤسسات تعليمية..

في الثمانينات أخذ التعاون الثقافي بعداً جديداً، حيث عقدت في الثامن من مارس عام 1987 بالقاهرة اجتماعات الدورة الأولى للتعاون العلمي والتقني بين مصر والصين وتم خلال الندوة التوقيع على أكثر من عشر اتفاقيات تعاون بين البلدين.

وتجاوز عدد الطلاب الصينيين المبعوثين بشكل حكومي إلى مصر 200 طالب، حتى عام 2005، وقد تنوعت اختصاصات الطلاب الوافدين، إذ لم تعد تقتصر على اللغات والآداب بل شملت اختصاصات العلوم الطبيعية والصناعة والزراعة والطب، ويدرس كل الطلاب في مصر لمدة سنة.

وازداد عدد الدارسين للغة الصينية، في القسم الذي افتتح عام 1958 بكلية الألسن بجامعة عين شمس، ليصل إلى 600 دارس، ومنهم عدد من الطلاب الوافدين من الدول العربية الأخرى.

وتجدر الإشارة إلى أن حوالي 24 ألف طالب صيني يدرسون اللغة العربية بمصر، في إطار التعاون بين الجامعات المصرية ونظيرتها الصينية.

كما يوجد معهدان من معاهد كونفوشيوس في مصر، أحدهما بجامعة القاهرة والآخر بجامعة قناة السويس، بالإضافة إلى ثلاثة فصول دراسية كونفوشيوس مستقلة.

يُضاف إلى ذلك التعاون في مجال التعليم المهني، من خلال إنشاء ورشة عمل لوبان المصرية، بشكل مشترك من قبل الكلية المهنية والتقنية للصناعات الخفيفة في تيانجين، وكلية تيانجين المهنية للنقل، وجامعة عين شمس المصرية ومدرسة القاهرة الفنية للصيانة المتقدمة، بهدف تدريب الشباب المصري على المهارات الفنية.

 

امتداد التبادلات الثقافية..

لم يقتصر نطاق التبادل الثقافي على مجال الثقافة والفن فحسب، بل امتد إلى نطاق واسع ومجالات متعددة كالعلوم والسينما والتلفزيون والآثار التاريخية والمكتبات والمتاحف، حيث شهدت هذه المجالات العديد من التبادلات بين الجانبين خاصة على صعيد الزيارات المتبادلة بينهما.

ففي عام 2003 أقيم في بكين وشنغهاي “معرض كنوز مصر القديمة” في إطار مهرجان الفنون الدولي الذي أقيم في شنغهاي في أكتوبر عام 2003.

وسبق ذلك العديد من التبادلات على المستوى الثقافي، حيث تم الاحتفال بتشكيل جمعية الصداقة الصينية المصرية في بكين عام 1991، وعام 2001 تم توقيع برنامج تنفيذي للتعاون الثقافي المشترك بين مصر والصين، وبحث تعزيز التعاون الثقافي بين مصر والصين خاصة في مجال الآثار، وذلك من خلال تبادل الزيارات والخبرات في مجال الترميم وإقامة معارض للآثار المصرية في الصين.

وفي يونيو 2002، أقيم أسبوع ثقافي تاريخي مصري في حديقة العالم بالعاصمة الصينية بكين في إطار اتفاق الجانبين المصري والصيني على إدراج مصر ضمن قائمة أفضل المقاصد السياحية لمواطني الصين.

 

كورونا والتعاون الطبي..

مثل عام 2020 شكلاً استثنائياً في العلاقات المصرية الصينية، لجهة تفشي مرض كورونا (كوفيد 19)، إلا أن ذلك خلق مجالاً جديداً للتعاون بين الجانبين.

أبدى البلدان تعاونا وتضامنا كبيرين في مواجهة الجائحة، ما جسد مبدأ المصير المشترك، حيث كانت مصر من أوائل الدول التي سارعت في تقديم مساعدات طبية للصين، من خلال زيارة وزيرة الصحة المصرية للصين لتقديم إمدادات لمكافحة فيروس كورونا، كما تمت إضاءة ثلاثة من أهم معالم التراث الثقافي في مصر بعلم الصين الأحمر، وهو ما عكس الصداقة العميقة بين البلدين.

بالمقابل، أبدت الصين دعمها لجهود مصر في الوقاية من المرض والسيطرة عليه، وعليه أرسلت 4 دفعات من المساعدات الطبية إلى القاهرة في إطار جهودها لاحتواء انتشار الفيروس، منها ثلاث دفعات من مواد الإغاثة الطارئة خلال شهر واحد.

كذلك زودت الصين مصر بأحدث نسخة من خطة التشخيص والعلاج والوقاية في الوقت المناسب، وعقد خبراء من الجانبين 9 مؤتمرات فيديو عبر الانترنت لتقاسم المعلومات الصينية حول الوباء وكيفية احتوائه.

 

 

مصر والصين تحملان إرثاً حضاريّاً عظيماً، ويتشاركان في رؤية مشتركة تقوم على بناء مستقبل مزدهر ومستدام لشعبيهما، لذا يسعى الطرفان للاستفادة من الميزات التي يملكها الطرف الآخر..

 

*صحافية سورية

**ينشر بالتعاون مع مركز الدراسات الآسيوية والصينية في لبنان

More From Author

وقف فوري لإطلاق النار بين الهند وباكستان

هيثم مزاحم يبحث مع سفير باكستان الأزمة مع الهند

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *