spot_img

ذات صلة

جمع

مكالمة قد تغير التاريخ: لحظة ترامب وبيزشكيان لإحلال السلام

شؤون آسيوية - بقلم سيد حسين موسويان*/ أعربت إدارة ترامب...

هل يُخيّب ترامب آمال نتنياهو؟

د. هيثم مزاحم ** يقول الكاتب الإسرائيلي إيتان غلبواع...

عيد الربيع الصيني.. رمز للفرح والتقاليد

شؤون آسيوية - بقلم تشو شيوان ** مع اقتراب موعد...

ترامب مهتم بزيارة الصين والهند قريباً

شؤون آسيوية – واشنطن - أبلغ الرئيس...

من الرماد ….. ما مستقبل غزة؟

خاص شؤون آسيوية، مقالة: أوليفر ماك تيرنن، ترجمة: معهد...

رحيل السلطان جمشيد بن عبد الله.. آخر سلاطين زنجبار

بقلم: د صالح محروس محمد*/

رحل عن عالمنا أمس الاثنين 30 ديسمبر 2024 آخر سلاطين زنجبار- المتحدة مع تنجانيقا عام 1964. السلطان جمشيد بن عبدالله البوسعيدي توفي عن عمر ناهز 95 عاماً قضى منها 56 عاماً في المنفى وعاد في مارس 2021 الى مسقط. وشاءت الأقدار أن يرحل عن زنجبار إلى بريطانيا بعد سقوط سلطنة زنجبار في أحداث يناير 1964 .
فهل ظلمه التاريخ ؟ وهل تم تشويه صورته ؟ وهل عاش على أمل العودة إلى زنجبار ؟ من هو هذا السلطان ؟

السلطان جمشيد بن عبدالله البوسعيدي ولد في زنجبار عام 1929 تعلم تعليماً خاصاً حيث أرسله أبوه بناء على توصية المعتمد البريطاني إلى كلية دارتسموث البحرية الملكية حيث خدم بعدها لمدة قصيرة في البحرية البريطانية.
خلف السلطان جمشيد أباه السلطان عبد الله بن خليفة ولقد استمرت في عهده القصير الاضطرابات العنصرية التي أدت إلى نهاية الحكم العربي في زنجبار. ونتيجة لهذه الاضطرابات، قررت الحكومة البريطانية إخلاء مسؤوليتها، وذلك بمنح الحكم الذاتي لزنجبار في الرابع من يونيو عام 1963. كما منحت لها دستوراً وقامت بسحب جزء من قواتها العسكرية من زنجبار حيث استمر بعض الضباط البريطانيين الذين عملوا مع الضباط المحليين على حفظ الأمن، وكذلك استمرت الإدارة البريطانية.
وأعقب ذلك إجراء انتخابات عامة في الثامن من يوليو عام 1963 أسفرت عن فوز الحزب الأفروشيرازي بثلاثة عشر مقعداً والحزب الوطني باثني عشر مقعداً وحزب الشعب بخمسة مقاعد.
وكان سلاطين زنجبار خلال فترة الحكم البريطاني تحت النفوذ البريطـاني، الذي بدوره استخدم سياسته لخلق الطائفية ولعب دوراً أساسياً في أحداث الثاني عشر من يناير 1964، التي أدت إلى نهاية حكم أسرة البوسعيد في شرق إفريقيا.
حكمت أسرة البوسعيد تقريباً 220 عاماً إمبراطورية في شرق إفريقيا كانت عاصمتها زنجبار. في فترة السيد سعيد بن سلطان ( 1806- 1856)، أقوى فترة في حكم آل سعيد في شرق إفريقيا، ترك العمانيون عموماً وآل سعيد خصوصاً حضارة اسلامية زاهرة في المجالات المختلفة. ففي الاقتصاد أدخل السيد سعيد شجرة القرنفل المباركة التى وضعت زنجبار على الخريطة الاقتصادية العالمية، وأسهمت أسرة آل سعيد في نشر الإسلام وثقافة التسامح الديني والمذهبي في شرق أفريقيا. وقعت زنجبار تحت الحماية البريطانية عام 1890، وهي فترة ضعف لحكام البوسعيد في زنجبار، انتهت بأحداث أحداث يناير 1964 التي كانت مؤامرة اشتركت فيها كل من بريطانيا واسرائيل ونيريري حاكم تنجانيقا آنذاك، وبمساعدة الحزب الأفروشيرازي الذي أنشأته بريطانيا لضرب الحزب الوطني الزنجباري ذي القيادة العربية.
تركت هذه الفترة التاريخية آثاراً هامة على منطقة شرق أفريقيا عموماً وزنجبار بوجه خاص. فمن الآثار السياسية انهيار سلطنة البوسعيد في شرق أفريقيا. ومن النتائج السياسية أيضاً قيام الاتحاد بين تنجانيقا وزنجبار. ففي 27 /4/ 1964 حين وقع الرئيسان كارومي ونيريري وثيقة الاتحاد في البرلمان التنجانيقي. ولقد كانت دوافع الاتحاد أن عبيد كارومي أراد أن يحمي نظامه الجديد من المخاطر التي قد تحيط به، فيما أراد نيريري ضمان عدم عودة الحكم العربي. وهو عبارة عن اتحاد فيدرالي كان يخص الشؤون الخارجية فيه (جمعية تنزانيا الوطنية)، فيما تحتفظ زنجبار بمؤسساتها التشريعية والإدارية .
وقامت أسرة البوسعيد (بعد سقوط الحكم العربي) بجهود كبيرة في زنجبار عن طريق إقامة مشروعات تنموية وتقديم المعونات وإقامة المعاهد الإسلامية. وتمثل ذلك في إقامة معهد التمريض على نفقة سلطنة عُمان سنة 1986 لتخريج ممرضين من الذكور والإناث والمساهمة في تعبيد الطرق في زنجبار. وقامت بإرسال خمسين سيارة نقل عام للمواصلات في زنجبار. وبدأت فى إنشاء المعهد الإسلامي ومشروع معهد الثقافة العربية.
وقدمت سلطنة عُمان في عام 1985 مساعدة مالية قدرها ثلاثة ملايين دولار مشاركة منها لشعب زنجبار، بالإضافة إلى المساعدات التي يقدمها المواطنون بشكل شخصي إلى أقاربهم في زنجبار على شكل مساعدات عينية ومالية في مناسبات عديدة .

السلطان جمشيد بن عبد الله.. آخر سلاطين زنجبار

والحقيقة أن السلطان جمشيد طيب الله ثراه جاء في ظروف كانت اكتملت فيها خيوط مؤامرة إنهاء الحكم العربي في زنجبار (أندلس أفريقيا المفقود)، وتم ترويج الإشاعات عنه منها أنه كان شغوفاً بالنساء وانه لم يهتم بإنشاء جيش وأن الرئيس المصري جمال عبدالناصر عرض عليه تقوية جيشه وأنه اهتم بالغناء وأنه دعا أم كلثوم للغناء في زنجبار. كل هذه الإشاعات ليس لها أساس من الصحة كما ذكر شهود عيان مقربون منه، شهدوا له بحسن أخلاقه وطيب نفسه. وكان يتمنى أن يعود إلى بلده التي ولد فيها زنجبار وكان يقول سأعود اذا دعاني شعبي.
حقيقة أنه ممن ظلمهم التاريخ فلم تسعفه الظروف كي نرى إنجازته رحمه الله.

*د. صالح محروس محمد باحث وأكاديمي مصري.

spot_imgspot_img