توطئة
تعود العلاقة بين أوروبا والصهاينة إلى ما قبل نشوء الكيان الإسرائيلي عام 1948 حيث تشكلت الحركة الصهيونية في أوروبا، ومنها بدأت أولى الهجرات إلى فلسطين قبل الاستعمار البريطاني لها، أي خلال الحكم العثماني.
ومن نافل القول إن اتفاق سايكس – بيكو عام 1916 بين فرنسا وبريطانيا لتقسيم المنطقة العربية – الإسلامية، والذي تلاه عام 1917 وعد بلفور البريطاني لليهود بإقامة وطن قومي لهم في فلسطين، قد أسّس للعلاقة الأوروبية الاستعمارية – الصهيونية التي تجلّت بتعبيد الطريق للمهاجرين اليهود إلى فلسطين ومنحهم السبل والحماية اللازمة لتأسيس مستوطناتهم فيها، تمهيداً لقيام كيانهم “إسرائيل” عام 1948، بتواطؤ قوات الاستعمار البريطاني التي انسحبت وسلّمت الصهاينة مواقعها والمدن الأساسية؛ بينما أسهمت فرنسا في سوريا ولبنان، وكذلك بريطانيا في مصر والعراق وشرق الأردن، في منع الجيوش العربية من التدخل لنصرة شعب فلسطين بداية، ثم عبر الضغط أو التواطؤ مع عدد من الأنظمة والجيوش العربية في تسليم معظم فلسطين إلى قوات الصهاينة.
ولا شكّ أن النظام الألماني النازي قد أسهم خلال الحرب العالمية الثانية (1939 – 1945) في دفع الكثير من يهود أوروبا إلى الهجرة إلى فلسطين بفعل جرائمه ضدّهم، من عمليات قتل واعتقالات، كما أعطى مبرّراً للدول الغربية لاحقاً كي تقوم بدعم الكيان الإسرائيلي، تحت ذريعة ضرورة وجود دولة لليهود تحميهم من أيّ محاولة جديدة لإبادتهم.
كما لعبت أوروبا، وبخاصة فرنسا وبريطانيا، إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية، التي تسلمت قيادة المحور الرأسمالي بعد انتصارها في الحرب العالمية الثانية على النازية والفاشية، دوراً في صدور قرار التقسيم عن الأمم المتحدة عام 1947، والذي كرّس بالقانون الدولي شرعية الكيان الإسرائيلي على أساس قيام دولتين: دولة لليهود ودولة للعرب الفلسطينيين. لكن الصهاينة الذين قبلوا قرار التقسيم شكلياً احتلّوا معظم الأراضي الممنوحة للفلسطينيين بحسب قرار التقسيم المذكور.
وبحسب الدول الاستعمارية الغربية، وبخاصة فرنسا وبريطانيا ومن ثمّ الولايات المتحدة الأميركية، فإن الدور المرسوم للكيان الصهيوني هو وجود قاعدة متقدّمة في قلب المنطقة العربية – الإسلامية الغنيّة بالثروات، لإضعاف دول المنطقة من جهة، وإلهائها عن التنمية والتطور من جهة أخرى، ومساعدة الدول الاستعمارية في أيّ حرب مستقبلية بينها وبين دول المنطقة في حال كانت ثمّة حاجة لذلك.
ولا شك أن الدول الأوروبية الكبرى تتحمل مسؤولية تاريخية وأخلاقية وقانونية عن نشوء القضية الفلسطينية وقيام الكيان الاستيطاني الإحلالي الإسرائيلي، بشكل مخالف لكلّ مبادئ القانون الدولي، بسبب بوعد بلفور وسياسات الانتداب بداية، وصولاً إلى استمرار الدعم الأوروبي الاستثنائي لهذا الكيان: سياسياً واقتصادياً وعسكرياً.
وعلى أيّ حال، هذه الدراسة الموجزة أردنا منها تسليط الضوء مجدّداً على ارتباط المشروع الصهيوني بالمشروع الاستعماري، تاريخياً واستراتيجياً. لكن ذلك لا يعني عدم وجود خلافات وتباينات أحياناً بين الكيان الإسرائيلي وبعض الدول الأوروبية، أو مع الاتحاد الأوروبي عموماً، وحتى مع الولايات المتحدة الأميركية، كما أبرزت تطورات الأعوام الماضية.
سنحاول في هذه الدراسة استقراء أبعاد العلاقة المتشعّبة بين “إسرائيل” والاتحاد الأوروبي منذ تأسيسه بناء على معاهدة ماسترخت الموقّعة عام 1993، وتحديداً انعكاسات هذه العلاقة على قضية فلسطين. والاتحاد الأوروبي هو جمعية دولية للدول الأوروبية يضم 28 دولة بينها ا كرواتيا التي انضمّت في 1 تموز/يوليو عام 2013.
لقراءة الدراسة كاملة اضغط هنا
العلاقات الإسرائيلية ـ الأوروبية